إقتصاديةسياسيةمال وأعمال

الصين أرتكبت ٣ أخطاء كبيرة في عام ٢٠٢٠

يمكن أن يقال الكثير من الأشياء الجيدة عن الصين
ارتداء الكمامة ليس نقاشا سياسيا

يأخذ الملتزمون بألاجراءات الحرفية اختبار فيروس كورونا على محمل الجد لدرجة أن بعض الإجراءات زادت عن حدها

قاوم البنك المركزي إغراء اتباع الطريق المختصر بسعر الفائدة الرخيص لتعزيز الاقتصاد, وفتح الأسواق المالية

لا عجب أن الأجانب المتعطشين للعوائد المالية يشترون الأصول الصينية بوتيرة قياسية, على الرغم من الاعتراضات الغاضبة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تعافي ألاقتصاد على شكل حرف K

ولكن هناك دائمًا مجال للتحسين

بحلول شهر كانون الثاني / يناير ٢٠٢١, سيكون هناك رئيس أكثر عقلانية للبيت الأبيض, مما سيمنح الصين مساحة للتركيز على الإصلاحات الهيكلية

وهنا أود أن أثير بعض النقاش الهادف مع الصين, لأنه بالنسبة لآلاف الأشياء التي فعلتها بشكل صحيح هذا العام, فقد أخطأت في ثلاثة أشياء كبيرة

الخطأ ألاول : عدم ألانتباه للنمو ألاقتصادي لفئات معينة على حساب فئات أخرى

kens5.com

بعد أشهر فقط من ظهور الوباء, أدرك العالم بسرعة الطرق التي لا تعد ولا تحصى التي كان فيروس كورونا يفاقم فيها عدم المساواة في الدخل

كانت شركات التكنولوجيا الكبيرة وموظفيها, الذين يمكنهم العمل من المنزل, لديهم المال الكافي, بينما اضطرت الشركات التي تمتلك المحلات لبيع البضائع وغيرها إلى الإغلاق

في وقت مبكر من شهر نيسان / أبريل٢٠٢٠, عندما خرجت الصين من الإغلاق ألاول بسبب أنتشار فيروس كورونا, بدأت المطاعم الصغيرة في التعبير عن شكاواها بشأن الترتيبات الحصرية التي طلبت منها التطبيقات لتوصيل الطعام, التوقيع عليها, مما أجبرهم على اختيار منصة واحدة دون أخرى, والرسوم الباهظة التي تم فرضها عليهم

هددت هذه التطبيقات انتعاش صناعة الفنادق والمطاعم, وسبل عيش عمالها

هذا القطاع, الذي لم ينتعش بالكامل حتى تشرين أول / أكتوبر, وظف ما يصل إلى ٣٣ مليون شخص

ومع ذلك, لم تبدأ بكين في معالجة هذا الاختلال الاقتصادي حتى منتصف تشرين الثاني /نوفمبر, عندما نشرت وثيقة مبهمة من ٢٢ صفحة حول لوائح مكافحة الاحتكار تهدف إلى كبح جماح عمالقة التكنولوجيا في البلاد

عشية عيد الميلاد, في بيان من جملة واحدة, قالت إدارة الدولة لتنظيم السوق

إن مجموعة علي بابا القابضة المحدودة تخضع للتحقيق فيما يسمى بممارسة ” اختيار واحد من اثنين / يعني أرغام المستخدم أما / أو وجميعها لنفس الشركة ” , لمنصاتها على ألانترنت, وتراجعت أسهم علي بابا ٢٨ في المئة عن أعلى مستوياتها في تشرين / أكتوبر ٢٠٢٠

لا ينبغي أن يكون أرتفاع ألاقتصاد مفاجئًا

فقد أعطت إحصاءات ألاقتصاد الكثير من المؤشرات

انتعش التصنيع سريعًا, بينما تأخرت مبيعات التجزئة, وهي مقياس لثقة المستهلك الأوسع, لعدة أشهر

كانت السلع الفاخرة تسير أمورها بشكل جيد, مع بيع السيارات الراقية بسرعة

في الولايات المتحدة وأماكن أخرى, كانت ثقة المستهلك محمية جزئيًا من ركود فيروس بفضل ضوابط التحفيز ومزايا البطالة المتزايدة

من ناحية أخرى, أستعارت الصين صفحة من كتاب قواعد ألاقتصاد لعام ٢٠٠٨, حيث الركود العالمي الكبير, مما أدى إلى إنعاش الاقتصاد من خلال بناء قطارات سريعة جديدة ومحطات اتصالات الجيل الخامس

يعيش ويعمل أكثر من ١٧٠ مليون مهاجر في مدن الصين, معظمهم في قطاعات البناء والتصنيع والخدمات

خلال الوباء, لم يفقدوا وظائفهم فحسب, بل لم يتمكنوا من تحصيل اموال تعينهم بسبب البطالة

بالنسبة لبكين, فهم ليسوا عاطلين عن العمل, يمكنهم دائمًا العودة إلى مدنهم للزراعة

اتجهت الصين نحو نظريات أقتصاد مستعارة و هزيلة

قد يكون قرار مساعدة أصحاب الأعمال على العمال نابعًا من هوس الحكومة بالسيطرة

بينما تشعر بكين أن بإمكانها إخبار المصانع بتشغيل معداتهم بأقصى سرعة, لا تريد الأسر صرف ألاموال التي حصلوا عليها من أجل التحفيز, الأعمال التجارية لديها ميل هامشي أعلى للإنفاق

هل كانت هذه الوصفة المالية حكيمة؟

كانت الصين حريصة على التحول إلى مجتمع استهلاكي, لأن الاقتصاد الذي يعتمد على الإنتاج الصناعي عرضة لدورات الأعمال العالمية

ومع ذلك, فإن الافتقار إلى شبكة أمان اجتماعي قد أثر بشكل دائم على ثقة الأسرة

إن نموذج التحفيز الصيني القديم يعيق أهدافها الاقتصادية

الخطأ الثاني : قمع أنتقاد الحكومة من قبل ألاغنياء

حتى مع تدفق الأمريكيين على صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد, وجدت الصين طريقة لسرقة ألاضواء, ألغت إلادراج العام لشركة الملياردير جاك ما ( مجموعة أي أن تي ) بقيمة ٣٥ مليار دولار, قبل يومين فقط من طرحها العام للأكتتاب, لأول مرة

الجانب المشرق من الركود في واشنطن هو حجة الاستثمار القوية للصين, ضعف الدولار, مما يجعل عملتها أكثر جاذبية

فرق عائد السندات السيادية عند مستوى قياسي, وموجة من الشركات تطرح للعامة

لكن السلوكيات الغريبة المفاجئة التي عملتها السلطات الصينية, يمكن أن تزعج حتى أكثر المستثمرين ذكاءاً

في بيان مقتضب أعلنت عن قرارها, استشهدت بورصة شنغهاي بالتغييرات التنظيمية وعدم قدرة ( مجموعة أي أن تي ), على الوفاء بشروط الإدراج في البورصة

بكين لديها وجهة نظر

خلال فيروس كورونا, كان أستهلاك المواطن الصيني يتوسع بسرعة كبيرة, وأصبحت الانتهاكات, مثل رسوم الفائدة الجائرة وإساءة استخدام المدفوعات المسبقة للمستأجرين, مشكلة اجتماعية

في ٢٧ كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٠, قال البنك المركزي في سؤال وجواب نُشر

أن مجموعة ( أي أن تي ) لديها ” القليل من الوعي القانوني ” وطلب من عملاق التكنولوجيا المالية العودة إلى أعمال الدفع الرقمية الأساسية الأقل ربحًا

يُحسب للصين أن المسؤوليين المصرون على أتباع ألاجراءات المملة, كانوا يناقشون كيفية تنظيم أعمال الإقراض المربحة لمجموعة أي أن تي, لمدة عامين على الأقل

ومع ذلك, كان التوقيت مشكوكًا فيه, ما جذب انتباه الجمهور العالمي

الشك في أن الصين سحبت الاكتتاب العام الأولي ليس بسبب التغييرات التنظيمية, ولكن بسبب الخطاب الصريح ( الناقد للحكومة الصينية والجهات التنظيمية ) الذي ألقاه جاك ما في شنغهاي قبل أسبوعين

Jack Ma at a financial summit on the Bund in Shanghai
Jack Ma at a financial summit on the Bund in Shanghai

حيث, انتقد النظام المالي المُعطل في الصين, قائلاً

إن البنوك تشبه ” متاجر الممتلكات “, حيث يمكن فقط لمن لديهم ضمانات ( منزل, مجوهرات, قطع أراضي ), يمكنهم الحصول على قروض

ورد أن الرئيس شي جين بنغ, الذي قرأ تقارير( محترفين بكتابة التقارير ! ) حكومية حول الخطاب ( خطاب جاك ما ), كان غاضبًا ( أهتز كيانه كرئيس لأنه لايريدون لأي أحد التحدث )

لا شك أن جاك ما يحب الأضواء و التحدث بحرية والحركة بحرية على المنابر

ومع ذلك, ما قاله لم يكن خطأ

في الواقع, اتخذ محافظو البنوك المركزية في الصين نفس المواقف السياسية, بل واستخدموا الكلمات نفسها, لكن الفرق أن ألانتقاد أتى من الشخص الخطأ ( فقط السياسيين الكبار ضمن حدود يتم السماح لهم بأنتقاد خجول للنظام الشيوعي )

وهكذا أصبح إخفاق مجموعة ( أي أن تي ), تذكيرًا جيدًا بأن

المهتمين فقط بألاجراءات الروتينية الحكومية يميلون إلى نسيان كيفية أتخاذ القرار عندما يشعرون أنهم فقدوا ماء الوجه, المعايير المفترضة ( المطلوبة من قبلهم ) لا يمكن ألغاءها بسبب نزوة ( يقصدون حديث جاك ما )

كذلك يمثل درس لرجال الأعمال

لا تكن صريحًا ولا تنتقد الحكومة, فقط طأطأ رأسك واكسب المال بهدوء

بعد هذا وذاك, لا يزال رئيس مجلس إدارة مجموعة ( تشاينا أيڤرغرندي گروب ), هوي كا يان

China Evergrande Group, Hui Ka Yan

 Hui Ka Yan Photographer: Paul Yeung/Bloomberg
Hui Ka Yan Photographer: Paul Yeung/Bloomberg

الذي حوّله عمله في مجال العقار, إلى أكبر شخص مديون في العالم, قادرا على البقاء على قيد الحياة, على الرغم من أن شركته تشكل خطرًا منهجيًا على القطاع المصرفي

في تشرين الأول / أكتوبر, ذهب في طي النسيان, عندما تجاهله الرئيس الصيني شي خلال زيارته إلى شنزن

بعد شهر, منحته حكومة شنزن مساعدة تبقيه على قيد الحياة

من ناحية أخرى

ما زال جاك ما يخسر مليارات الدولارات بسبب تحرك لسانه وشفتيه في الوقت الغير مناسب

بعد أربع سنوات من اللوم المتواصل من ترامب, قد لا تهتم الصين بالعلاقات العامة

لكنها تريد أموالاً أجنبية للمساعدة في تمويل عجزها المالي

يُعرض إخفاق مجموعة ( أي أن تي ) المفاجئ كل ذلك للخطر

الخطأ الثالث : سوء التعامل مع أفلاس الشركات

هناك تصور مستمر بأن القواعد في الصين تسير على مسار مزدوج

المسار ألاول : يتم استدعاء رجال الأعمال في القطاع الخاص ( من قبل الحكومة من أجل أيقافهم عند حدودهم ) من قبل المسؤولين الحكوميين كلما عبروا الخط ألاحمر, كما حصل لـ جاك ما في تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠٢٠

المسار الثاني : يمكن للكيانات التابعة للدولة ( التملق للحكومة ) , مع وجود الكثير من الموارد المحلية تحت سيطرتها

قائمة كبيرة جدا من التخلف عن السداد بين الشركات المملوكة للدولة ليست سوى دليل إضافي على هذا الاتجاه

بدأت الشركات المملوكة للدولة في التخلف عن السداد ( ألافلاس ) هنا وهناك في وقت مبكر من عام ٢٠١٥, بسبب زيادة العرض وتضاؤل ​​هوامش الربح

وبدأت القائمة ألاخرى في أيلول / سبتمبر, بعد أن انتعش الاقتصاد الصيني من تباطؤ فيروس كورونا, كانت القائمة ألاولى أختبار قواعد السوق

القلة القليلة التي فاتها السداد ( ألافلاس ) هي أكبر الشركات المملوكة للدولة في مناطقها

إن التخلف عن السداد ( ألافلاس ) في حد ذاته أمر مزعج وغير مقبول, فهذه مخاطرة يستعد المستثمرون لمواجهتها

ولكن الآن هناك شك عميق في أن الشركات المملوكة للدولة ستنقل الأصول الجيدة قبل أن يجرها الدائنون إلى المحكمة

في أقل من شهر واحد, قامت ثلاث شركات, عملاق صناعة السيارات في مقاطعة لياونينغ الشمالية الشرقية, وشركة مناجم الفحم في مقاطعة هينان الوسطى الغنية بالموارد, وشركة تصنيع الرقائق, قاموا بتحويل ألاسهم القابضة للشركات التابعة لها قبل التخلف عن السداد ( ألافلاس ), أصبحت الطريقة نمطا

لسنوات, كانت الحكومة الصينية تحاول كسر فكرة الضمانات مقابل القروض

ما يعني, أن الحكومة ستتدخل لإنقاذ أي شركة مملوكة للدولة من ألافلاس

لسبب وجيه: الأشخاص الخاسرون يحصلون بطريقة ما على تصنيفات ( تربل أي / أعلى تصنيف ممكن تحصل عليه أي شركة / بلد / سندات ), ولا يوجد نظام تصنيف مالي كافٍ في سوق سندات الشركات الصيني البالغ ٤ تريليونات دولار, للتمييز بين الأصول عالية الجودة والأصول الأكثر خطورة

لكن يجب على الحكومة الصينية تطبيق نفس القواعد عالميًا

إذا تخلف أحد رجال أعمال القطاع الخاص في مجال العقار, عن السداد ( أعلن أفلاسه ), يمكن لدائنيه الحصول على بعض أموالهم من المصارف أو أملاك رجال ألاعمال, كتسويات

هل سيتمكن المستثمرون من اقتطاع أصول الشركات المملوكة للدولة عندما تنهار هذه الشركات؟

للوهلة ألاولى, لايمكنهم عمل ذلك

كان المنظمون في الصين يتأرجحون, ويعاقبون متعهدي السندات ويحثون الحكومات المحلية على تقديم وعود جوفاء بدلاً من ذلك

لذلك في حين أن الشركات المملوكة للدولة أقل احتمالية للتخلف عن السداد ( ألافلاس ) – بفضل علاقاتها المحلية, فإنها تميل إلى أن تكون أكثر حيلة في التمويل, فهي قادرة تمامًا على حماية الأصول الأساسية من دائنيها بعد فقدان السداد – ألافلاس

وهذا خطأ آخر, لأن الأجانب كانوا سيشترون بسعادة السندات المقومة باليوان الخاصة بالشركات المملوكة للدولة, والتي تدفع قسائم أعلى من إصداراتها بالدولار في الخارج

هذا العام, كانت تدفقات ألاستثمار الوافدة قوية للغاية لدرجة أن الأجانب وعدوا بالاستيلاء على البنوك التجارية في المدينة كثاني أكبر كتلة شراء للسندات الحكومية

لقد ابتعدوا إلى حد كبير عن سوق سندات الشركات, والذي يُعرف بأنه محجوز للكيانات المملوكة للدولة

تمنح أحدث قوائم التخلف عن السداد ( ألافلاس للشركات الغير حكومية ) سببًا إضافيًا للأبتعاد

لطالما كان الرئيس الصيني مُصلحًا, حريصًا على ترقية اقتصاد الصين وتخليص نظام الديون الزائدة

على مدى السنوات القليلة الماضية, أخرجته حرب ترامب التجارية وفيروس كورونا عن مساره ألاصلاحي

الآن بعد أن ذهب كلا الحاجزين, ترامب وفيروس كورونا, يمكنه العودة إلى المسار الصحيح

ومع ذلك, تحتاج الصين إلى تحديث نهجها

يبدو التمسك بكُتيب القواعد المالية لعام ٢٠٠٨ وكأنه عفا عليه الزمن, لا سيما بالمقارنة مع استراتيجيات ” التشغيل السريع ” في الولايات المتحدة

لإنشاء سوق وظيفية, تحتاج الصين إلى تفكيك النظام ذي المسارين الذي تديره الدولة والقطاع الخاص

كما تحتاج إلى منح رجال الأعمال الناجحين الحرية الكافية لتقديم توصيات بشأن السياسات

إنهم يعرفون ما يحدث فعليا, أفضل من أي شخص يجلس في مبنى حكومي

بالتأكيد, قد يكون من الصعب التساهل مع أنتقادات أي مواطن, ولكن كما يحب أسلافنا أن يقولوا

إن الدواء المر مفيد لصحتك

نقلا عن مقال رأي لـ
شولي رين – كتبت خصيصا لبوابة الرأي لـ بلومبرج – ٣٠ كانون أول / ديسمبر

مصرفية وكاتبة في مجال ألاسواق

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
إغلاق

أنت تستخدم مانع ألاعلانات

شكرا جزيلا لزيارة موقعنا - أنت تستخدم مانع ألاعلانات ٠ الرجاء قم بتعطيل مانع ألاعلانات حتى تتمكن من تصفح الموقع