بلدان أغلقت محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وبلدان تريد بناء محطات جديدة، وبلدان تصر على عدم الإستغناء عن إستخراج الفحم !
" مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ "
قامت العديد من البلدان الصناعية بإغلاق محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم للحد من الإنبعاثات الملوثة للبيئة، الولايات المتحدة وحدها أوقفت ( ٣٠١ ) محطة تعمل بالفحم منذ عام ٢٠٠٠، مؤتمر المناخ القادم في غلاسكو سوف يناقش إلتزامات البلدان للحد من الإنبعاثات الملوثة للبيئة والمسببة للإحتباس الحراري، ( أهمها الفحم )، لكن البلدان الأسيوية تسير عكس ذلك.
ملايين الأطنان من الفحم كل عام تستخدم في أحدى المحطات العملاقة في الهند، ستحرق هذا الوقود لمدة ٣٠ عامًا، على الأقل، لتوليد الطاقة لأكثر من ( ٧٠ مليون شخص )، يعيشون في ولاية تاميل نادو Tamil Nadu الهندية.
محطة Udangudi هي واحدة من حوالي ( ٢٠٠ محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم )، قيد الإنشاء في آسيا، بما في ذلك ( ٩٥ ) في الصين و ( ٢٨ ) في الهند و ( ٢٣ ) في إندونيسيا، وفقًا لبيانات من منظمة Global Energy Monitor الأمريكية غير الربحية.
سينتج هذا الأسطول الجديد من محطات الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم، إنبعاثات كاربونية تؤدي إلى إرتفاع درجة حرارة كوكب الأرض لعقود قادمة، وهو مقياس للتحدي الذي يواجهه قادة العالم عندما يجتمعون في محادثات المناخ في غلاسكو، حيث يأملون في ( التخلي بشكل كامل عن الفحم ) كمصدر للطاقة.
يعد إستخدام الفحم أحد القضايا العديدة التي تفرق بين البلدان الصناعية والنامية في سعيها لمعالجة تغير المناخ.
لكن في آسيا، التي تضم نسبة ٦٠ ٪ من سكان العالم، وحوالي نصف التصنيع العالمي، يتزايد إستخدام الفحم بدلاً من الإنخفاض، حيث تسعى البلدان النامية بسرعة إلى تلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
أكثر من ٩٠ ٪ من ( ١٩٥ ) محطة توليد طاقة كهربائية تعمل بالفحم، يتم بناؤها حول العالم موجودة في آسيا، وفقًا لبيانات غلوبال أنريجي مونتير GEM.
ولاية تاميل نادو الهندية، هي ثاني أكبر ولاية صناعية في الهند وواحدة من أكبر منتجي الطاقة المتجددة في البلاد،
لكنها تبني أكثر محطات التي تعمل بالفحم في البلاد.
قال مسؤول كبير في شركة تاميل نادو لتوليد وتوزيع الكهرباء، لوكالة رويترز : لا يمكننا الإعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فقط.
وقال : يمكنك الحصول على كعكة من الفحم وثلج من الشمس.
على الرغم من القفزات الهائلة في إنتاج الطاقة المتجددة، لا يزال الإقتصاد العالمي مدمنًا على الفحم لتوليد الكهرباء.
في آسيا، تبلغ نسبة الفحم من مزيج التوليد للطاقة الكهربائية، ضعف المتوسط العالمي – خاصة في الإقتصادات الصاعدة مثل الهند.
في عام ٢٠٢٠، أكثر من ٣٥ ٪ من الطاقة الكهربائية المولدة في العالم من الفحم، وفقًا لمراجعة لشركة برتش بترليوم BP – عملاق إنتاج النفط والغاز، البريطانية.
ما يقرب من ٢٥ ٪ من الغاز الطبيعي
و ١٦ ٪ من السدود المائية
و ١٢ ٪ من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
و ١٠ ٪ من الطاقة النووية
العام الحالي، وصل الطلب على الفحم لرقم قياسي جديد، مما أدى إلى إرتفاع الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق والمساهمة في التدافع العالمي على الوقود.
يسهم الطلب القياسي على الفحم في زيادة سريعة في الإنبعاثات في عام ٢٠٢١، بعد إنخفاضها العام الماضي، عندما أدت القيود المفروضة على حركة مليارات الأشخاص لإبطاء الوباء، إلى إنخفاض حاد في إستخدام الوقود.
في حين أن بعض محطات الفحم الجديدة، قيد الإنشاء، ستحل محل المحطات القديمة الأكثر تلويثًا للبيئة، فإنها ستضيف معًا إلى إجمالي الإنبعاثات.
قال لوري ميليفيرتا Lauri Myllyvirta، كبير المحللين في مركز أبحاث الطاقة
Centre for Research on Energy and Clear Air، لوكالة رويترز :-
إستكمال المحطات الجديدة التي تعمل بالفحم، التي هي قيد الإنشاء بالفعل في هذه البلدان ستؤدي إلى زيادة الطلب على الفحم وزيادة في إنبعاثاته.
ستقترب إنبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون (CO2) للمصانع الجديدة وحدها من ( ٢٨ مليار طن ) على مدار ( ٣٠ عامًا )، وفقًا لـغلوبال أنريجي مونتير GEM.
هذا ليس بعيدًا عن ( ٣٢ مليار طن ) من إجمالي إنبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون في جميع أنحاء العالم من جميع المصادر المولدة للطاقة الكهربائية في عام ٢٠٢٠، وفقًا لشركة BP، مما يسلط الضوء على مدى صعوبة إتفاق القادة في مؤتمر المناخ في غلاسكو – بما في ذلك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي – لتحقيق تقدم ملموس بشأن معالجة تغير المناخ.
قال الوزير الهندي راميشوار پراساد غوبتا Rameshwar Prasad Gupta لوكالة رويترز في مقابلة أجريت معه مؤخرًا : –
” إن الهند تسير على الطريق الصحيح للوصول إلى هدفها المتمثل في تقليص نسبة الإنبعاثات من ثاني أوكسيد الكاربون للبلاد، ومع إن إستهلاك الفحم سينخفض - لكن لا يمكن إلغاؤه.
كل دولة لديها نقاط قوة، نحن نمتلك الفحم وعلينا الإعتماد عليه.
موقفنا هو، بمجرد أن نعمل على أهداف لتقليل نسبة ثاني أوكسيد الكاربون التي يتم اطلاقها للجو، سيكون لذلك تأثير … بعد هذا أتركوا الأمر علينا، سواء عالجنا هذا الأمر من خلال تخفيض إستهلاك الفحم، أو في أي قطاع أخر “
أنيل سواروب Anil Swarup، وزير الفحم الهندي، السابق، أتخذ نفس الرأي للوزير الهندي راميشوار پراساد غوبتا في مقابلة مع وكالة رويترز، وقال :-
” إن التوسع في مجال مشاريع الطاقة المتجددة أمر بالغ الأهمية، لكن الفحم سيظل مصدر الطاقة الرئيسي في الهند خلال الخمسة عشر عامًا القادمة على الأقل، ويجب زيادة الإنتاج لتلبية إحتياجاتنا من الطاقة “
تظهر بيانات غلوبال أنريجي مونتير GEM : في جميع أنحاء الهند، هنالك ( ٢٨١ ) محطة توليد طاقة كهربائية تعمل بالفحم.
كذلك يتم بناء ( ٢٨ ) محطة جديدة.
هنالك ( ٢٣ ) في مراحل ما قبل البناء.
الأرقام السابقة تعتبر شيء صغير جداً، مقارنة مع الصين ، أكبر منتج للفحم ومستهلك له و أكبر بلد ملوث للبيئة في العالم.
لا يتوقع أن يحضر الرئيس الصيني – شي جن بنغ لقمة المناخ العالمية COP26.
أكثر من ( ١,٠٠٠ ) محطة توليد الطاقة الكهربائية تعمل بالفحم قيد التشغيل، ما يقرب من ( ٢٤٠ ) محطة جديدة يخطط لإنشاءها أو قيد الإنشاء بالفعل.
على الرغم من إلتزام الرئيس الصيني بأن حكومته ( لن تمول مشاريع طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج )، لكن الممولة حاليا، ليست مشمولة، سوف تستمر.
ستقوم محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم في ثاني أكبر إقتصاد في العالم ( الصين )، بإطلاق ( ١٧٠ مليار طن من الكاربون خلال فترة حياتها ) – أكثر من جميع إنبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون العالمية بين عامي ٢٠١٦ و ٢٠٢٠، وفقًا لبيانات شركة برتش بتروليوم BP.
على الرغم من أنها تفتخر بأنها أكبر بلد في العالم في مجال الطاقة المتجددة، إلا أنها تعاني الآن من أزمة طاقة كبيرة وحثت عمال مناجم الفحم على زيادة الإنتاج.
من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة إستهلاك الفحم على المدى القريب، على الرغم من أن الصين تخطط لتقليل إستخدام الفحم اعتبارًا من عام ٢٠٢٦.
ومع ذلك، يبدو أن إجمالي إستهلاك الفحم العالمي في طريقه للإرتفاع، مدفوعًا بالإستخدام المتسارع في جنوب وجنوب شرق آسيا، حيث ستزيد المشاريع قيد الإنشاء من قدرة حرق الفحم بنسبة ١٧ ٪ و ٢٦ ٪ على التوالي.
حتى في الإقتصادات الملتزمة بخفض الإنبعاثات الملوثة للبيئة، لا تزال تستهلك الفحم بشراهة.
تحولت اليابان، في ظل أزمة صناعة الطاقة النووية لديها منذ كارثة فوكوشيما، إلى الفحم لسد الفجوة وتقوم ببناء سبع محطات طاقة كبيرة جديدة تعمل بالفحم.
تخطط شركة JERA لإضافة ( أمونيا نظيفة الإحتراق ) لإستخدامها مع الفحم للمساعدة في تحقيق هدف الحياد الكاربوني ( صافي صفر إنبعاثات ملوثة للبيئة ) بحلول عام ٢٠٥٠، ويحتمل أن تبقي الشركة الوحدات القديمة التي تعمل بالفحم، لفترة أطول.
على خليج بالقرب من ناغويا Nagoya، تزود محطة هيكينان Hekinan التابعة لشركة JERA، البالغة من العمر ٣٠ عامًا والتي تبلغ طاقة توليد الكهرباء فيها ( ٤,١٠٠ ميغاواط ) – والتي كانت في يوم من الأيام الأكبر في آسيا – الكهرباء لشركة تويوتا موتور العملاقة للسيارات.
مثل العديد من محطات الطاقة، تعتمد المحطة Hekinan على الوقود المستورد من كبار المصدرين مثل أستراليا، حيث يعتبر الفحم مصدرًا حيويًا للإيرادات – ١٨ مليار دولار في السنة المالية الحالية – وهذه المحطة مثيرة للجدل مع الحلفاء الذين يحثون على تخفيضات طموحة للإنبعاثات الملوثة للبيئة.
ومن المقرر أن يحضر رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون محادثات غلاسكو.
لكن وزير الموارد كيث پت Keith Pitt قال : سيكون هنالك طلب على الفحم لعقود من الزمان، وأن أستراليا، لن تتأثر بضغط البنوك والهيئات التنظيمية والمستثمرين لعرقلة الصناعة ( صناعة إستخراج الفحم ).
وقال : كلما توفرت أسواق لـ ( الفحم )، ستعمل أستراليا على التصدير لها.
