العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين تؤثر على سلسلة توريد المعادن النادرة المستخدمة في محركات السيارات الكهربائية !
مع تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، يحاول صانعو السيارات الكهربائية في الغرب تقليل إعتمادهم على ( المغانط الدائمة )، والتي تعمل على تشغيل المحركات الكهربائية، معظمها مصنوع من معادن أرضية نادرة مصدرها الصين، بحسب ما ورد في تقرير مفصل لوكالة رويترز.
المعادن الأساسية لصناعة هذه المغانط وفيرة بشكل كبير، ولكن يمكن أن تكون ملوثة للبيئة ويصعب إنتاجها.
تعتبر الصين المهيمن على إنتاج هذه المعادن الأساسية، ومع تزايد الطلب على المغانط لجميع أشكال توليد الطاقة المتجددة، يقول المحللون إن هنالك نقصًا حقيقيًا في المستقبل.
تتطلع بعض الشركات المنتجة للسيارات الكهربائية اإلى إستبدال العناصر الأرضية النادرة منذ سنوات.
وجد تحليل لوكالة رويترز : أن الشركات المُصنعة للسيارات الكهربائية التي تصل إلى ما يقرب من نصف المبيعات العالمية تقول إنها تقلل من إستخدام هذه المغانط الدائمة.
يقول صانعو السيارات الكهربائية في الغرب إنهم قلقون ليس فقط بشأن تأمين الإمدادات، ولكن أيضًا من التقلبات الهائلة في الأسعار، والأضرار البيئية في سلسلة التوريد.
هذا يعني إدارة المخاطر المتمثلة في أن إستبدال المغانط الدائمة، بأخرى غير دائمة، يمكن أن يقصر المسافة التي يمكن للمركبة أن تقطعها قبل أن تضطر للحصول على عمليات شحن كهربائية من المحطات الموزعة على الطرق.
بدون حل لهذه المشكلة التي أعاقت صناعة السيارات الكهربائية لفترة طويلة، سيصبح الوصول إلى المعادن النادرة، يخضع للمنافسة بشكل كبير.
يُنظر على نطاق واسع إلى المغانط الدائمة، والمصنوعة في الغالب من معدن ( النيوديميوم Neodymium )، على أنها الطريقة الأكثر فاعلية لتشغيل السيارات الكهربائية، حيث تسيطر الصين على ٩٠ ٪ على إمدادات هذا المعدن.
أرتفعت أسعار ( أوكسيد النيوديميوم Neodymium Oxide )، بأكثر من الضعف خلال تسعة أشهر من الإنتعاش العام الماضي ولا تزال ترتفع بنسبة ٩٠ ٪.
قالت وزارة التجارة الأمريكية في حزيران / يونيو ٢٠٢١ : إنها تدرس إجراء تحقيق في تأثير واردات معدن النيوديميوم على الأمن القومي.
ومن بين الشركات التي تحاول تقليص إستخدامها للمغانط الدائمة :-
* شركة نيسان موتور (Nissan Motor Co ) ثالث أكبر شركة لصناعة السيارات في اليابان، والتي قالت لوكالة رويترز إنها ألغت إعتمادها على المغانط الدائمة المُصنعة من المعادن النادرة، من محرك لطراز جديد من سيارتها الكهربائية ( Ariya ).
* شركة بي أم دبل يو BMW AG الألمانية، فعلت الشيء نفسه بالنسبة لسيارتها الرياضية متعددة الاستخدامات iX3 ، الكهربائية، هذا العام.
* أبلغت أكبر شركتين لتصنيع السيارات في العالم تويوتا موتورز Toyota Motor Corp اليابانية و فولكس فاغن Volkswagen AG الألمانية وكالة رويترز أنهما قررا تقليل الإعتماد على المغانط الدائمة المُصنعة من العناصر النادرة.
تعتبر العناصر المستخرجة من الأرض ( النادرة )، ضرورية لصناعات ( الإلكترونيات، التطبيقات العسكرية والطاقة المتجددة )، لأن البعض يمكن أن يولد قوة مغناطيسية ثابتة ( حتى بعد إنقطاع الطاقة الكهربائية، على خلاف المغانط المؤقتة، تعتمد على وجود الطاقة الكهربائية للحفاظ على القوة المغناطيسية )، فإن المغانط التي ( تُصنع ) من هذه المعادن، تُعرف باسم المغانط الدائمة Permanent Magnets
تتطلب السيارات الكهربائية التي تحتوي على ( المغانط الدائمة ) طاقة بطارية كهربائية أقل من تلك التي تحتوي على مغناطيس عادي، لذلك يمكن للمركبات أن تقطع مسافات أطول قبل إعادة الشحن.
لقد كان الخيار المثالي لمحركات السيارات الكهربائية EV حتى عام ٢٠١٠ تقريبًا، عندما هددت الصين بقطع إمدادات العناصر النادرة المستخدمة في صناعة هذه المغانط أثناء نزاع مع اليابان، مما أدى ألى زيادة الأسعار بشكل كبير.
الآن، تُفتح مخاوف جديدة حول الإمدادات، وسوف تخلق فجوة بين منتجي السيارات الكهربائية الصينية ومنافسيهم الغربيين.
في حين أن شركات صناعة السيارات في الغرب تتراجع، لا يزال الصينيون ينتجون سيارات بإستخدام المغانط الدائمة.
قال مسؤول صيني لوكالة رويترز : إذا تم تنحية المخاطر السياسية ألاقليمية جانبا، فإن قدرة الصين ( ** على تزويد العناصر النادرة ) يمكن أن تلبي إحتياجات صناعة السيارات الكهربائية في العالم بشكل كامل.
وهنالك مشاريع جديدة آخذة في الظهور لتطوير محركات كهربائية بدون الحاجة للمعادن النادرة، أو لتعزيز إعادة تدوير المغانط المستخدمة في المركبات الحالية.
تقول شركة بي أم دبليو BMW : إنها أعادت تصميم تقنيتها الكهربائية لتعويض النقص في العناصر الأرضية النادرة.
قامت شركة رينو الفرنسية Renault SA بتخصيص طراز Zoe وهو طراز خالي من المغانط الدائمة، حيث صممت للقيادة في أماكن حضرية، مسافات التنقل فيها قصيرة.
شركة تيسلا ألامريكية Tesla Inc ، عملاق السيارات الكهربائية، التي تبلغ قيمتها السوقية ٦٢١ مليار دولار، كلا النوعين من المحركات ( تعتمد على المغانط الدائمة والغير دائمة ).
تتوقع شركة رايان كاستيلو Ryan Castilloux الإستشارية أن يرتفع الإستهلاك العالمي للعناصر النادرة المُستخدمة في صناعة المغانط الدائمة إلى ١٥.٧ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، أي ما يقرب من أربعة أضعاف قيمة هذا العام.
السيارات الكهربائية وأجهزة توليد الطاقة من الرياح
المغانط الدائمة المُصنعة من معدن ( النيوديميوم ) في سيارة كهربائية نموذجية يصل وزنه إلى ٣ كيلوغرام.
على الرغم من أن الوباء ( فيروس كورونا ) قد قلل من مبيعات السيارات، إلا أن الطلب على هذه المغانط في السيارات الكهربائية أرتفع بنسبة ٣٥ ٪ العام الماضي وحده إلى ( ٦,٦٠٠ طن من المعادن النادرة ).
يقول المحللون إن المغناطيس الدائم في المحركات الهجينة ( ** كهرباء + محرك وقود يعمل بالبنزين ) والمركبات الكهربائية يكلف أكثر من ٣٠٠ دولار لكل مركبة أو ما يصل إلى نصف تكلفة المحرك.
على مدى العقدين الماضيين، تراجعت الدول الغربية إلى حد كبير في إنتاج المعادن الأرضية النادرة، والتي تنطوي على معالجة كيميائية معقدة ومنتجات ثانوية ضارة في كثير من الأحيان، اليوم، تهيمن الصين على سلسلة الإنتاج بأكملها.
بالنسبة للعديد من سائقي المركبات الكهربائية، المسافة المقطوعة ليست مشكلة كبيرة !
ومع ذلك، فقد تبنى صانعو السيارات في الغرب مجموعة من الطرق الجديدة، حيث لا يزال قسم منهم، مثل شركة تويوتا، يستخدمون مغناطيسًا دائمًا، ولكنهم خفضوا إستخدام العناصر الأرضية النادرة في صناعته، مما طور مغناطيسًا يحتاج إلى ٢٠ ٪ -٥٠٪ أقل من عنصر النيوديميوم.
قامت شركات أخرى، مثل بي إم دبل يو، بإعادة تصميم كبيرة: قالت شركة صناعة السيارات الألمانية لوكالة رويترز إنها قامت بإعادة تصميم ( وحدة القيادة الخاصة بسيارتها )، لتجمع بين ( المحرك الكهربائي والإلكترونيات وناقل الحركة في مجمع واحد )، مما يقلل من المساحة والوزن.
بدأت شركة تيسلا ألامريكية في عام ٢٠١٩، تجمع بين أنواع المحركات الكهربائية، يحتوي طرازي الشركة ( S و X ) على محركين: أحدهما بمغناطيس دائم والآخر بدونه.
يوفر المحرك الذي يعمل بالحث الكهربائي ( Induction Motor ) مزيدًا من الطاقة، في حين أن المحرك الذي يحتوي على مغناطيس دائم يكون أكثر كفاءة.
تستخدم شركة فولكس فاغن كلا النوعين من المحركات في سيارات الدفع الرباعي الجديدة ID.4 كروس أوفر.
من المقرر أن يقفز إستخدام المحركات الكهربائية التي لا تعتمد على المغانط الدائمة إلى ثمانية أضعاف تقريبًا بحلول عام ٢٠٣٠ ، وفقًا لكلاوديو فيتوري ،Claudio Vittori، كبير محللي التنقل الإلكتروني في شركة تحليلات البيانات IHS Markit، ولكن محركات المغناطيس الدائم ستظل مهيمنة، ويرجع ذلك أساسًا إلى قوتها وكفاءتها.
إذا كانت التوقعات صحيحة، فليس من المؤكد أنه حتى هذه التعديلات يمكن أن تهدئ السوق.
كيف تعاملت شركات تصنيع السيارات مع مشكلة الإعتماد على العناصر النادرة في تصاميها للسيارات كهربائية
السيارات الكهربائية تعتمد على المغناطيس الدائم ( قلب العديد من المحركات الكهربائية )، والتي تعمل على تشغيل مجموعة القيادة.
المحركات التي لا تحتوي على مغناطيس دائم، مثل المحركات الحثية Induction Motors، تستخدم التيار الكهربائي، ( غالبًا من خلال لفات من أسلاك نحاسية )، لإنشاء مجال مغناطيسي وتشغيل المحرك، تكون في العادة أرخص، لكنها أقل كفاءة وتتطلب بطارية أكبر، مما يقلل من المسافة التي تقطعها المركبة.
شركة نيسان موتور NISSAN MOTOR CO
* قالت الشركة المصنعة للسيارات ومقرها اليابان، ثالث أكبر مصنع للسيارات في العالم، أنها سوف تلغي إستخدام المغناطيس الدائم من سيارتها الجديدة Ariya SUV.
في عام ٢٠١٢، طورت الشركة محركًا كهربائيًا يتطلب ٤٠ ٪ أقل ( من عنصر الديسبروسيوم dysprosium المستخدم في صناعة المغانط الدائمة ) وفي عام ٢٠١٦ قامت الشركة بتخفيض أكثر للنسبة.
شركة تيسلا TESLA INC
* أستخدمت شركة تيسلا في البداية محركات كهربائية تعمل بالحث ( Induction )، ولكن في عام ٢٠١٧، أطلقت الشركة الطراز ٣، بمحرك يستخدم مغناطيس دائم، وفي عام ٢٠١٩، أعادت تصميم وحدة القيادة الخاصة بها للطرازين ( S و X ) لإستخدام نوعين من المحركات الكهربائية، أحدهما يعمل بمغناطيس دائم والآخر بدون مغناطيس دائم.
شركة بي أم دبل يوم BMW AG
* ستكون السيارة الكهربائية، طراز iX3 SUV الجديدة، المقرر إطلاقها هذا العام ، أول سيارة كهربائية تستخدم نظام نقل حركة معاد تصميمه لم يعد يتطلب مغناطيس دائم.
شركة رينو RENAULT SA
* تعتبر شركة صناعة السيارات الفرنسية، الشريكة في تحالف مع شركة نيسان اليابانية، رائدة في المحركات الكهربائية، التي لاتعتمد على المغانط الدائمة، حيث تستخدم في سيارتها الصغيرة Zoe ، التي تم إطلاقها في عام ٢٠٢١ ، محركاً كهربائياً يعمل بالحث ( Induction ).
شركة تويوتا موتورز TOYOTA MOTOR CORP
* تعمل شركة تويوتا اليابانية على تقليل الإعتماد على العناصر الأرضية النادرة لصناعة المغانط الدائمة في سياراتها الكهربائية، حيث تقول إنها لا تزال تعمل على ذلك بعد تطوير مغناطيس أستخدم ( ٢٠ ٪ -٥٠ ٪ ) أقل من عنصر النيوديميوم في عام ٢٠١٨.
شركة ڤولكس فاغن VOLKSWAGEN AG
* تستخدم الشركة مغناطيسًا دائمًا ولكن نسب العناصر الأرضية النادرة ( التيربيوم والديسبروسيوم terbium and dysprosium )، أقل.
أستخدمت محرك مغناطيسي دائم على المحور الخلفي وآخر بدون مغناطيس دائم على المحور الأمامي.
شركة ديملر DAIMLER
* خفضت شركة صناعة السيارات الألمانية العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في صناعة المغانط الدائمة في سياراتها الكهربائية من طراز مرسيدس بنز وقالت لوكالة رويترز إنها تخطط للتخلص من إستخدام العناصر على المدى المتوسط.