بريطانيا تريد بناء أول مفاعل يعمل بالانصهار لتوليد الطاقة الكهربائية
دعت حكومة المملكة المتحدة اليوم المجتمعات في جميع أنحاء البلاد للتطوع بموقع لمفاعل اندماج نموذجي, والذي سيكون أول – من المأمول – أن يولد الكهرباء
بدأ المشروع, المسمى ( مفاعل توكماك كروي لأنتاج الطاقة أو أختصارا ستيپ ), العام الماضي بمبلغ أولي قدره ٢٢٢ مليون جنيه إسترليني على مدى ٥ سنوات لتطوير التصميم
وتقول هيئة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة, وهي الوكالة الحكومية التي تشرف على الجهود الحالية
إن البناء يمكن أن يبدأ في أقرب وقت ممكن في عام ٢٠٣٢, مع بدء العمل بحلول عام ٢٠٤٠
يقول توني دوني, مدير ( يوروفيوژن ), برنامج الاندماج التابع للاتحاد الأوروبي
نرحب بأي جهاز جديد لأنه يجلب رؤى جديدة
لكنه يشك في أن المشروع ( ستيپ ), لن يكون مولدا للطاقة, انطباعي هو أنه سيكون أكثر من منشأة اختبار
السباق مستمر حول العالم لبناء أول مفاعل اندماج يمكنه توليد طاقة
يقوم مبديء الاندماج على دمج نظائر الهيدروجين معًا في غاز شديد السخونة, أو بلازما, وهو نفس العملية التي تمد النجوم بالطاقة
مصادر الوقود وفيرة نسبيًا والمخاوف الإشعاعية طفيفة مقارنة بالمفاعلات النووية التي تعمل بالأنشطار
ولكن كمصدر عملي للطاقة, ظل الاندماج حلماً بعيد المنال
يتطلب درجات حرارة عالية جدا تصل إلى مئات الملايين
لمنع البلازما الساخنة من لمس وعاء الاحتواء الخاص به وذوبانه, يستخدم المهندسون عادةً مغانط قوية تحيط بمفاعل توكاماك على شكل كعكة
لكن لم يولد أي مفاعل توكاماك طاقة من الاندماج أكثر من تلك المستخدمة في تسخين البلازما
سيكون ( مفاعل اتير ) في فرنسا, المقرر الانتهاء منه في عام ٢٠٢٥, أول من يبرهن على توليد الطاقة, على الرغم من أن ذلك لن يحدث إلا بعد عام ٢٠٣٥ وحتى ذلك الحين, لن يتم استخدام طاقة الاندماج لتوليد الكهرباء
سيبدو مشروع ( ستيپ ) البريطاني على شكل تفاحة محفورة من داخل, وليس على شكل كعكة حلويات كروية
يمنح هذا المزيد من الاستقرار في البلازما حتى يتمكن المشغلون من تحقيق درجات حرارة أعلى في جهاز أصغر
تم إطلاق المفاعلات التوكاماك الكروية في مركز كولهام لطاقة الانصهار, مع جهاز يسمى
Mega Amp Spherical Tokamak (MAST) Upgrade
وفي الولايات المتحدة في مختبر برينستون لفيزياء البلازما
National Spherical Torus Experiment Upgrade device
تأمل المملكة المتحدة الآن في الاستفادة من تلك التجربة مع مشروع ( ستيپ ), والتي تهدف إلى توليد ٥٠ ميغاواط من الطاقة الكهربائية
يقول توني دوني
هي خطوة منطقية بعد ترقية جهاز
Mega Amp Spherical Tokamak (MAST) Upgrade
يقول مدير مركز كولهام لطاقة ألانصهار, إيان تشابمان
إن الحجم الصغير للتوكاماك الكروية هو ميزة رئيسية لأن أكبر تكلفة في الـ ٢٥ مليار دولار من مفاعل ( اتير في فرنسا ) هو المغناطيس الضخم
مع تكاليف قليلة منخفضة تصل إلى بضعة مليارات من الدولارات, سيكون مفاعل بريطانيا أرخص بكثير من المفاعل الفرنسي, إذا كان الاندماج يتنافس مع محطات الطاقة التي تعمل بالنفط والغاز أو الطاقة المتجددة التي يمكن بناؤها بأقل من ذلك وتوليد كميات مماثلة من الطاقة
يقول دوني
إن التوكاماك الكروية تأتي أيضًا مع عيوب
تعد البلازما شديدة الكثافة في جهاز أصغر أكثر تأثيرًا على المواد التي تم بناء المفاعل منها, لذلك قد تحتاج المكونات إلى الاستبدال أكثر من مرة
ومن غير المرجح أن تكون قادرة على تكاثر التريتيوم, وهو أحد نظيري الهيدروجين اللذين يغذيان المفاعل
يعتبر التريتيوم مشعًا بعمر نصف يبلغ ١٢ عامًا والإمدادات العالمية منخفضة
سيتعين على المفاعل أن يولد التريتيوم الخاص به عن طريق إحاطة الوعاء ببقع من الليثيوم التي تنتج التريتيوم عندما تمتص النيوترونات من تفاعل الاندماج
سيكون مفاعل ( اتير الفرنسي ), أول محاولة لإثبات توليد التريتيوم
يقول دوني
إن مشروع ( ستيپ ) لم يستطع تنفيذ أنتاج التريتيوم في مثل هذا الوقت القصير
يشك دوني, أيضًا, في وجود عنصر سياسي في الضغط من أجل تقديم مشروع ( ستيپ )
يعد مركز كولهام لطاقة ألانصهار, أيضًا موطنًا لـ ( توروس ) الأوروبية المشتركة أو جت, وهي أكبر توكاماك في العالم
والذي يقترب من نهاية حياته العملية
قد يؤدي ذلك إلى ترك الكثير من الباحثين العلميين في مجال الاندماج بدون مفاعل عامل للفائدة من البحوث
إن مستقبل المملكة المتحدة كشريك في مشروع ( اتير الفرنسي ) هو أيضًا موضع تساؤل
إذا لم توقع بريطانيا على اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي
ولدى مركز كولهام لطاقة ألانصهار, منافسون من القطاع الخاص ينتظرون فشلهم
تحاول شركة توكاماك إنريجي, وهي شركة ناشئة في المملكة المتحدة, بناء توكاماك كروي مدمج لإنتاج الطاقة بحلول عام ٢٠٣٠
ولدى شركة كومنولث فيوژن سيستمز الأمريكية الناشئة خططًا للبدء في بناء مفاعل عامل مماثل بحلول عام ٢٠٢٥
لن يكون ذلك مصدر قلق كبير للمجتمعات التي تتنافس لاستضافة برنامج ستيپ, الذين سيرون في ذلك وسيلة لجذب الأموال والوظائف إلى منطقتهم
أمامهم حتى أذار / مارس ٢٠٢١لتقديم عروضهم, وسيحتاجون إلى عرض قطعة أرض مساحتها ( ١٠٠ هكتار أو واحد كيلومتر مربع ) والتي سيتم فحصها من حيث الملاءمة الجيولوجية, و أمكانية الوصول, ومعايير أخرى
المصدر / مجلة ساينز ٣ كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٠