موقع صيني جديد خاص بالصواريخ العابرة للقارات الحاملة لرؤوس نووية في الصحراء !
- موقع صيني جديد خاص بالصواريخ العابرة للقارات الحاملة لرؤوس نووية في الصحراء !
في صحراء قاحلة على بعد ١,٢٠٠ ميل ( ١,٩٢٤.٨ كيلومتر ) غرب العاصمة الصينية بكين ، تقوم الحكومة الصينية ببناء موقعاً جديدًا لما يبدو أنه لـ ( ١١٠ مستودع ) لإطلاق صواريخ عابرة للقارات حاملة لرؤوس نووية، وهو ثاني موقع من نوعه يكتشفه محللون يدرسون صور الأقمار الإصطناعية التجارية في الأسابيع الأخيرة، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تاميز بالإعتماد على صور لشركة Planet Labs لصور ألاقمار الإصطناعية التجارية.
قد يشير التوسع الهائل في ترسانة الصين النووية للرغبة الشديدة للحكومة الصينية في إبراز نفسها كقوة إقتصادية وتكنولوجية عظمى، بعد عقود من ضبط النفس، حيث تريد زيادة رصيدها من ألاسلحة النووية لتصل بحجم الترسانة النووية ألامريكية أو الروسية.
أو قد يكون مجرد حيلة للتفاوض، وإن كانت مكلفة مالياً.
من الواضح أن المستودعات الجديدة التي يتم بناؤها ( ليتم إكتشافها عن قصدٍ ).
بدأ البناء فيه في أذار / مارس ٢٠٢١، في الجزء الشرقي من أقليم شينجيانغ ، وليس بعيدًا عن أحد معسكرات “إعادة التأهيل ” سيئة السمعة في مدينة هامي Hami.
تم إكتشافه أواخر الأسبوع الماضي من قبل خبراء نوويين في إتحاد العلماء الأمريكيين، باستخدام صور من أسطول من أقمار شركة Planet Labs ، وتم مشاركة هذا الإكتشاف الجديد مع صحيفة نيويورك تاميز The New York Times.
على مدى عقود، منذ أول تجربة نووية ناجحة للصين في الستينيات، حافظت الحكومة الصينية على ” الحد الأدنى من الردع ” ، والذي يقدره معظم الخبراء الخارجيين بحوالي ( ٣٠٠ سلاح نووي ).
( لن يقول الصينيون عن العدد الحقيقي، وتقييمات الحكومة الأمريكية سرية ).
إذا كانت ألارقام دقيقة، فهذا أقل من ( خُمس ) العدد الذي تنشره الولايات المتحدة وروسيا الخاص بالرؤوس النووية، وفي العالم النووي، لطالما صورت الصين نفسها على أنها تستند على ( أرضية أخلاقية )، تتجنب بموجبها سباقات التسلح المكلفة والخطيرة.
لكن يبدو أن هذا يتغير في عهد الرئيس شي جن بنغ.
في الوقت نفسه الذي تقوم فيه الصين بقمع المعارضة في الداخل، وتأكيد سيطرتها الجديدة على هونغ كونغ، وتهديد تايوان وإستخدام الأسلحة ألالكترونية ( هجمات ألكترونية ) بشكل أكثر عدوانية، فإنها تتجه إلى المجال النووي بشكل كبير.
اللغز هو ما سبب تغيير إستراتيجية الصين ؟
هنالك عدة نظريات.
أبسطها : هو أن الصين تنظر إلى نفسها الآن على أنها قوة عظمى إقتصادية وتكنولوجية وعسكرية كاملة في عدة مجالات – وتريد ترسانة أسلحة تتناسب مع هذا الوضع.
والاحتمال الآخر : هو أن الصين قلقة بشأن الدفاعات الصاروخية الأمريكية، التي تزداد فاعلية، وتزايد القدرة النووية الهندية السريع.
ثم هنالك الإعلان الروسي عن أسلحة جديدة تفوق سرعتها سرعة الصوت Hypersonic، وإحتمالية رغبة الحكومة الصينية في بناء قدرات ردع أكثر فاعلية.
الإحتمال الثالث : هو أن الصين قلقة من أن صواريخها الأرضية القليلة عرضة للهجوم – ومن خلال بناء أكثر من ٢٠٠ مستودع في موقعين، يمكنها مجاراة العدو في لعبة إطلاق الصواريخ الإستراتيجية، تحرك ٢٠ صاروخ من هنا، وصواريخ أكثر من هناك … وجعل الدول المعادية للصين، أولها الولايات المتحدة تخمن أين هذه الصواريخ … هذه الأسلوب قديم … بِقدم سباق التسلح النووي.
وبطبيعة الحال، يمكن للصين التلاعب بألاخرين لتقديم تنازلات من خلالها.
قد تعتقد الصين أنه سيتم جرها عاجلاً أم آجلاً إلى مفاوضات الحد من التسلح النووي مع الولايات المتحدة وروسيا – وهو أمر حاول الرئيس دونالد ترامب فرضه خلال العام الأخير له في منصبه، عندما قال إنه لن يجدد معاهدة ستارت الجديدة New START مع روسيا ما لم يتم تضمين الصين، التي لم تشارك قط في الحد من التسلح النووي.
رفضت الحكومة الصينية الفكرة، قائلة : إذا كان الأمريكيون قلقين للغاية، فيجب عليهم خفض ترسانتهم النووية بنسبة كبيرة إلى المستويات الصينية.
وكانت النتيجة حالة من الجمود.
في نهاية إدارة ترامب، كتب وزير الخارجية مايك بومبيو ومبعوثه للحد من التسلح، مارشال بيلينجسلي Marshall Billingslea : لقد طلبنا من الحكومة الصينية مزيد من الشفافية، والإنضمام إلى الولايات المتحدة وروسيا في صياغة إتفاقية جديدة للحد من الأسلحة التي تشمل جميع فئات الأسلحة النووية، لقد حان الوقت لأن تتوقف الصين عن التظاهر وتبدأ في التصرف بمسؤولية.
لكن إدارة بايدن خلصت إلى أنه سيكون من غير الحكمة ترك معاهدة ستارت الجديدة New START، تنتهي مع روسيا لمجرد أن الصين رفضت الانضمام لها.
بمجرد توليه منصبه، تحرك جو بايدن بسرعة لتجديد المعاهدة مع روسيا، لكن إدارته قالت إنها تريد في وقت ما أن تدخل الصين في إتفاقية من نوعية ما.
تلك المحادثات لم تبدأ بعد.
زارت نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، الصين هذا الأسبوع، في أول زيارة لدبلوماسي أمريكي كبير منذ أن تولى بايدن منصبه، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت الأسلحة النووية على جدول اعمالها، حيث تتجه بعد ذلك إلى المحادثات النووية مع روسيا.
في البيت الأبيض، رفض ( مجلس الأمن القومي ألامريكي ) التعليق على أدلة توسع الترسانة النووية الصينية.
من المحتمل أن تكون أقمار التجسس الإصطناعية الأمريكية قد التقطت البناء الجديد منذ أشهر.
لكن كل ذلك أصبح علنيًا بعد ظهور صور الأقمار الإصطناعية المدنية ( التجارية )، لفحص المناطق النائية القاحلة في أقليم شينجيانغ، وهي منطقة وعرة من الجبال والصحاري في شمال غرب الصين،حيث يبحث المختصين عن أدلة بصرية لبناء مستودعات تطابق إكتشافات سابقة.
في شباط / فبراير ٢٠٢١، أفاد إتحاد العلماء الأمريكيين بتوسيع مستودعات للصواريخ في موقع تدريب عسكري بالقرب من جيلانتاي Jilantai، محافظة منغوليا الداخلية، حيث عثر الفريق على ١٤ مستودع جديد قيد الإنشاء، وبعده تم إكتشاف موقع يومن Yumen.
أثناء البحث في صور ألاقمار ألاصطناعية لبراري أقليم شينجيانغ، كان السيد مات كوردا يبحث على وجه التحديد عن ( بناء على شكل قبة ) – لا تختلف عن تلك التي تظهر في بعض ملاعب التنس.
يقوم المهندسون الصينيون بنصب هذه القبب، فوق مواقع بناء المستودعات تحت الأرض لإخفاء ما يجري تحتها.
فجأة، على بعد حوالي ٢٥٠ ميلاً ( ٤٠١ كيلومتر ) شمال غرب القاعدة السابقة في يومن Yumen ، وجد مجموعة من القباب القابلة للنفخ التي كانت مطابقة تقريبًا لتلك الموجودة في Yumen ، في ما اتضح أنه موقع عسكري آخر مترامي الأطراف.
يقع موقع البناء الجديد في منطقة نائية عزلتها السلطات الصينية عن معظم الزوار.
تقع على بعد حوالي ٦٠ ميلاً ( ٩٦.٢٤ كيلومتر ) جنوب غرب مدينة هامي Hami.
في الآونة الأخيرة، حدد المحللون الموقع كواحد من خمس قواعد عسكرية، حيث قامت القوات الصينية ( ببناء موقع لأشعة الليزر التي يمكنها إطلاق أشعة من الضوء المركّز على أقمار الاستطلاع ألامريكية الغالب )، حيث تعمل أجهزة الليزر على تعمية أو تعطيل أجهزة الإستشعار الضوئية الهشة.
من خلال العمل مع زميله، السيد هانس كريستنسن، خبير الأسلحة الذي يدير مشروع المعلومات النووية للمجموعة.
وذكر تقرير الخبيرين : أن المستودعات الجديدة تبنى على مسافة أقل قليلاً من ميلين ( ٣.٢ كيلومتر ) من بعضها البعض، وبشكل عام ، فإن موقع البناء المترامي الأطراف يغطي ما يقرب من ٣٠٠ ميل مربع ( ٧٧٧ كيلومتر مربع ) – مماثل في الحجم لقاعدة يومن Yumen ، في الصحراء أيضًا.
رد فعل الولايات المتحدة حول تقرير صحيفة النيويورك تاميز
أعربت وزارة الدفاع ألامريكية ( البنتاغون ) وأعضاء الكونغرس ( الجمهوريون ) يوم الثلاثاء، عن مخاوف جديدة بشأن تعزيز الصين لقواتها النووية بعد تقرير ورد في صحيفة نيويورك تاميز حول بناء أكثر من ( ١١٠ مستودع ) خاص بالصواريخ العابرة للقارات الحاملة لرؤوس نووية.
ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية في أوائل تموز / يوليو ٢٠٢١، التعزيز النووي الصيني بأنه مثير للقلق وأن الحكومة الصينية يبدو أنها ( تنحرف ) عن المسار الماضي خلال عقود من الإستراتيجية النووية القائمة على الحد الأدنى من الردع.
ودعت وزارة الخارجية ألامريكية، الصين، إلى التعامل مع الولايات المتحدة بشأن إجراءات عملية للحد من مخاطر زعزعة إستقرار بسباقات التسلح.
وقال عضو الكونغرس الجمهوري مايك تيرنر Mike Turner، العضو البارز في اللجنة الفرعية للقوات المسلحة بمجلس النواب : إن التحشيد النووي للصين غير مسبوق، نشر هذه الأسلحة النووية لتهديد الولايات المتحدة وحلفائنا.
وإن رفض الصين التفاوض بشأن الحد من التسلح النووي يجب أن يكون مدعاة للقلق وأن تدينه جميع الدول المسؤولة.
وقال عضو الكونغرس، الجمهوري ، مايك روجرز Mike Rogers، العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب : إن التحشيد النووي الصيني يُظهر الحاجة إلى تحديث الردع النووي الأمريكي بسرعة.
ودعت الولايات المتحدة، الصين، مراراً للإنضمام معها ومع وروسيا في معاهدة جديدة للحد من التسلح النووي.
تقول الصين : إن ترسانتها النووية تتضاءل مقارنة بالولايات المتحدة وروسيا وإنها مستعدة لإجراء حوارات ثنائية حول الأمن الاستراتيجي على أساس المساواة والاحترام المتبادل.