الصين سوف تتبع الجانب ( الصحيح ) من التأريخ في أزمة أوكرانيا، الجانب الغربي
إن تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن من عواقب لأي مساعدة قد تقدمها الصين لمساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا قد يجبر الرئيس الصيني شي جن بنغ على الإختيار بين علاقة تجارية مُربحة طويلة الأمد مع الغرب وشراكة إستراتيجية متنامية مع روسيا المُنهَكة إقتصادياً في الوقت الحالي بسبب العقوبات الغربية.
من خلال مراجعة التدفقات التجارية وحدها، فإن الصين لديها الكثير لتخسره، إذا قررت مساعدة روسيا، بعد مكالمة الفيديو التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الصيني شي جن بنغ، يوم الجمعة ولمدة ساعتين تقريبًا، حيث أكد البيت الأبيض ( أن العقوبات على الصين أحد الخيارات ).
أظهرت بيانات تجارية أطلعت عليها وكالة رويترز، أنه على الرغم من العلاقات التجارية المتنامية مع جنوب شرق آسيا وإقتصاد أقل إعتمادًا على التجارة خلال العقد الماضي، فإن المصالح الإقتصادية للصين لا تزال معتمدة بشدة على الديمقراطيات الغربية.
وفقًا للمحللين، فإن الإنحياز إلى الحليف السياسي ( روسيا ) لن يكون له أي معنى إقتصادي بالنسبة للصين، حيث لا تزال الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي يستهلكان أكثر من ثلث صادرات الصين.
قال تشاد باون Chad Bown، أحد كبار المسؤولين زميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ومقره واشنطن ويتابع التجارة الصينية عن كثب، لوكالة رويترز:-
” فيما يتعلق بالمسألة الإقتصادية البحتة، إذا كان على الصين أن تختار – روسيا في مواجهة أي شيء آخر – أعني، هذا أمر غير منطقي بالنسبة للصين، لأنها مندمجة تمامًا مع كل هذه الإقتصادات الغربية “.
أكد سفير الصين لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ Qin Gang، يوم الأحد على علاقة الصين الوثيقة مع روسيا.
قال لبرنامج على قناة سي بي اس CBS ، رداً على سؤال عما إذا كانت الصين ستقدم الدعم المالي لروسيا :-
” الصين لديها تعاون تجاري وإقتصادي ومالي وفي مجال الطاقة مع روسيا، هذه أعمال طبيعية بين دولتين ذات سيادة، على أساس القوانين الدولية، بما في ذلك قواعد منظمة التجارة العالمية “
إن إستهداف الصين بنوع العقوبات الإقتصادية الواسعة التي فُرضت على روسيا سيكون له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة والعالم، نظرًا لأن الصين هي ثاني أكبر إقتصاد في العالم وأكبر مُصدر.
مع زيادة إقتصاد الصين إلى ١٦ تريليون دولار في العشرين عامًا الماضية، تضاءل إعتمادها على التجارة مع البلدان الأخرى من أجل رفاهها الإقتصادي.
مع إزدياد ثروة المواطنين الصينيين، يلعب الإستهلاك المحلي والخدمات حصة أكبر في الإقتصاد الصيني.
مع ذلك، لا تزال الصين أكثر إعتمادًا على التجارة، حوالي ٣٥ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بالنسبة للولايات المتحدة تعتمد على التجارة بنسبة ٢٣ ٪ و اليابان بنسبة ٣١ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
لا تزال دول مجموعة السبع G7، التي تشكل تحالف مُناهض لروسيا في أعقاب غزو أوكرانيا في ٢٤ شباط / فبراير ٢٠٢٢، تستهلك أكثر من ثلث صادرات الصين.
يمثل هذا إنخفاضًا عن نصف صادرات الصين تقريبًا منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، ولكنه يمثل حصة ثابتة نسبيًا منذ عام ٢٠١٤، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
تضاعفت حصة صادرات الصين إلى دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي أبرمت الصين معها مؤخرًا إتفاقيات تجارية جديدة، إلى حوالي ١٥ ٪ ، متجاوزة اليابان.
لكن بيانات التجارة الصينية من كانون الثاني / يناير إلى شباط / فبراير ٢٠٢٢، أظهرت أن الصادرات إلى الإتحاد الأوروبي نمت بأكبر قدر بنسبة ٢٤ ٪.
نمت التجارة الإجمالية لروسيا مع الصين منذ أن فرض الغرب عقوبات على روسيا لأول مرة رداً على ضمها لشبه جزيرة القرم.
لكن صادرات الصين إلى روسيا ظلت بين ١ ٪ و ٢ ٪ على مدار العشرين عامًا الماضية.
تتعقب الواردات الروسية من الصين تلك الخاصة بالعديد من البلدان الأخرى ، حيث تتصدر الإلكترونيات والسلع الإستهلاكية بما في ذلك الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والملابس ولعب الأطفال والأحذية.
صدرت الصين ١٠ أضعاف عدد الهواتف المحمولة، من حيث القيمة، إلى الولايات المتحدة وحدها، عند ٣٢.٤ مليار دولار في عام ٢٠٢٠، بناءً على بيانات الأمم المتحدة Comtrade
يهيمن النفط على واردات الصين من روسيا، عند ٢٧ مليار دولار في عام ٢٠٢٠، بالنسبة لواردات النفط الخام والمنتجات النفطية الأخرى، أعلى من جميع الواردات الأخرى من روسيا، وخاصة السلع بما في ذلك النحاس والخشب، الغاز الطبيعي المسال، الفحم، المعادن والخامات.
على الرغم من أن الولايات المتحدة قد حظرت واردات الطاقة الروسية ( للولايات المتحدة فقط )، إلا أن العقوبات الغربية لم تستهدف على وجه التحديد صادرات روسيا من النفط والغاز.
لكن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على البنوك الروسية والتي تحظر التعاملات بالدولار أعاقت قدرة الصين على توفير تمويل تجاري لشحنات النفط الروسية.
